logo

كشف انحراف الفرقة المدخلية وخروجهم على العلماء وتلبيسهم على الناس

كشف انحراف الفرقة  المدخلية وخروجهم على العلماء وتلبيسهم على الناس


المقدمة

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، وجعل أهل العلم ورثة الأنبياء، والصلاة والسلام على من قال: «العلماء ورثة الأنبياء»، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
فقد ظهر في الساحة فرقة تُسمّى بـ المدخلية نسبة إلى ربيع المدخلي، رفعوا شعار السلفية، وأظهروا موافقة أهل السنة في أصلٍ عظيم وهو عدم الخروج على الحكام المسلمين بالمعاصي والفسق، لكنهم غَلَوا في هذا الباب حتى جعلوه الميزان الوحيد للسنة والبدعة. وفي الوقت ذاته فارقوا السلفية في أصل آخر لا يقل أهمية، وهو الموقف من العلماء، فخرجوا على أهل العلم والدعوة السلفيين أنفسهم بالتبديع والتجريح، حتى صاروا فتنة على الدعوة وأهلها.

أولًا: الأصل السلفي في الموقف من الحاكم
   •   دلّت النصوص الشرعية على تحريم الخروج على ولاة الأمور المسلمين وإن جاروا وظلموا، ما لم يظهر منهم كفر بواح عندنا فيه من الله برهان، كما في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه (متفق عليه).
   •   هذا منهج أهل السنة، وهو ميزان عدل، فيه صيانة للدماء، ودفع للفتن، وحفظ لوحدة الأمة.

ثانيًا: الأصل السلفي في الموقف من العلماء
   •   العلماء عند السلف ورثة الأنبياء، ومكانتهم محفوظة بنصوص الكتاب والسنة:
      •   قال الله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
      •   وقال النبي ﷺ: «إن العلماء ورثة الأنبياء» (رواه أبو داود والترمذي).
   •   وكان السلف ينهون عن الوقيعة في العلماء:
      •   قال ابن عساكر رحمه الله: «اعلم يا أخي وفقني الله وإياك لمرضاته، أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة».
   •   فالواجب توقير العلماء، والإنصاف في النقد، والنصح بالمعروف، لا التشهير والتجريح والتبديع بغير حق.

ثالثًا: مخالفة المدخلية في هذا الباب
   •   وافق المدخلية السلفيين في ترك الخروج على الحكام، لكنهم:
      •   جعلوا هذا الأصل هو الدين كلّه.
      •   غلوا في طاعة الحكام حتى صاروا يبررون أخطاءهم ولا ينصحونهم إلا على سبيل التزكية.
   •   وفي المقابل فارقوا السلفية في الموقف من العلماء:
      •   فخرجوا على علماء أهل السنة السلفيين، بل لم يسلم من تبديعهم وتجريحهم أحد، إلا من وافقهم في كل صغيرة وكبيرة تقليدًا أعمى.
      •   شوهوا سمعة الدعاة وطلبة العلم، وأحدثوا فرقة داخل الصف السلفي، وصرفوا الشباب عن العلماء الربانيين.

رابعًا: التلبيس على العامة والحكومات
   •   أظهروا ولاءهم للحكام وثباتهم على هذا الأصل، ليوهموا الناس أنهم أهل السنة الخُلّص.
   •   لكنهم أخفوا انحرافهم في باب العلماء، فصاروا يرفعون شعار “طاعة الحكام” ليستروا به خروجهم على العلماء.
   •   وهكذا نجحوا في كسب ثقة بعض الحكومات من باب محاربة الخوارج، لكنهم في الحقيقة أفسدوا داخل الصف السلفي أكثر مما أصلحوا.

خامسًا: المفارقة الكبرى
   •   إن الخوارج خرجوا على الحكام، والمدخلية خرجوا على العلماء؛ والوجه الجامع بينهما هو: الغلو والتنطع ومفارقة العدل.
   •   فأهل السنة وسط:
      •   لا يخرجون على الحكام ولا يغالون فيهم.
      •   ولا يطعنون في العلماء ولا يغلون في تقليدهم.

الخاتمة

فالمدخلية وإن أظهروا الانتصار لمنهج السلف في مسألة الحكام، إلا أنهم انحرفوا في مسألة العلماء، فجمعوا بين شبه الخوارج (في خروجهم على العلماء) وشبه المرجئة (في غلوهم في طاعة الحكام).
ومنهج السلف الحق هو العدل والإنصاف، لا الغلو ولا الجفاء:

﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: 143].

نسأل الله أن يبصر الأمة بالحق، وأن يجمع كلمتها على الهدى، وأن يعيذها من الفتن ما ظهر منها وما بطن.